الأربعاء، 19 مارس 2014

عندما يسحقنا الروتين




تتشابه الأيام، فيصبح الأمس مثل اليوم، واليوم مثل الغد، تسحقنا العادات المتكررة فنصبح نسخاً من أنفسنا نكررها كل يوم. أوقاتنا لاتختلف عن بعضها، مثل أوراق الخريف في نهاية الموسم إذا سقطت على الأرض، يكسوها لونٌ واحد. ولا نلوم أحداً سوى الوقت، والعمل، والارتباطات الاجتماعية التي نصطنعها، فنضطر لتلبية ندائها.

سألت أحد اصدقائي عن أيامه كيف يقضيها، فقال لي أنه يستيقظ من النوم صباحاً ليذهب إلى عمله من مدينة عجمان إلى منطقة جبل علي في دبي ليصل في الساعة الثامنة صباحاً، ويغادر المكتب في الساعة الرابعة مساءً ليعود إلى منزله ويرتاح، ثم يذهب إلى المقهى ليلتقي بأصدقائه في المساء ويشاهد إحدى المباريات ويتناول عشاءه، ثم يعود للمنزل لكي يستعد للنوم والعمل في اليوم التالي. ويقوم بذلك كل يوم تقريباً.

 لم أشفق عليه، لأنه يظن أن حياته منتجةٌ ومسلية، فهو ينتج في العمل، ويتسلى في المقهى. ولكنني أشفقت على الوقت، تلك النعمة العظيمة التي أنعم الله بها علينا لنقضيها فيما هو أكبر وأعظم من مجرد الذهاب للعمل، والجلوس في المقهى. الوقت هو أكثر ما نتمنى، وأقل ما نستغل في هذه الحياة. 

قرأت مرةً في أحد المواقع حكمةً تقول: "إذا أضعت المال، فإنك أضعت المال فقط، ولكنك إذا أضعت الوقت، فإنك فقدت جزءاً من حياتك". وهذا ما يفعله بنا الروتين، يعيدنا إلى نقطة البداية مع انطلاقة كل يوم، ويعيدنا إلى نقطة البداية مرة أخرى مع انتهاء كل يوم.

كنت أبحث يوماً عن طرقٍ لكسر الروتين في حياتي وتغيير عاداتي اليومية التي خلقتها الوظيفة، فقرأت عنواناً في مجلة "فوربس" عن ١٢ طريقة لكسر الروتين، وكان من ضمن تلك النصائح نصيحة توصي القارئ بالعمل من المنزل أحياناً، فهي بحسب قولهم طريقة ممتازة لكسر الروتين. لم أستطع أن أكمل قراءة المقال: لأن كسر الروتين لا يعني نقله إلى مكانٍ آخر، فهل من المعقول أن يقوم الشخص بنقل الروتين من مكان عمله إلى مكان راحته؟ 

لا أؤمن بالنصائح التي تقدمها المجلات والمنتديات المتخصصة بعلم النفس وغيره في كسر الروتين، ولست هنا لتقديم نصائح لكسر الروتين، فأنا ما زلت أحارب هذا الجيش وأنا أعزل. ولكن ألهمتني جداً تغريدة قرأتها لصديقي فيصل الحبيني على موقع تويتر قال فيها: "إذا ما عندك شي تكتبه، ترجم. سو شي مفيد". 
بهذه البساطة نستطيع كسر الروتين، بهذه الطريقة نستطيع أن نجعل الغد يختلف عن اليوم، واليوم يختلف عن الأمس، وبهذه الطريقة يصبح للوقت قيمة، وللحياة معنىً أكبر.

هناك تعليق واحد:

  1. الشخص الذي يرفض العيش بهذه الطريقة، او حتى مجرد تفكيره بايجاد ما يكسر الروتين هو شخص مختلف بطبعه، وان حاول جاهدا لتجاوز هذه العقبة ينقل هذا الاختلاف الى ما ينتجه وينجزه.
    ربما انك لن تسدل نصيحة كما قلت، لكنك فعلت اكثر من ذلك، هناك نصوص تحكي حياة كاتبها بطريقة تجعل القارئ يتسائل عن سبب شعوره بوجوده في سطر ما من السطور.
    ربما قيود الروتين والالتزامات تكبلنا كثيرا، لكن المختلف دائما يكسر قيده ما امكن، حتى وان كان بفكره وتقدمه غير المباشر، بتفاصيل صغيرة تضاف الى يومه لتضفي معنى وقيمة لما يفعله.

    ردحذف